إسراء مديرة المنتدي
تاريخ التسجيل : 13/07/2008 عدد الرسائل : 960 السٌّمعَة : 5 نقاط : 1846 المهنة : الهواية : مزاجك اليوم : ماذا اتفعلين : دعاء : أعلام الدول : انثى
| موضوع: هل تعرف أن أجدادك.... السبت يونيو 13, 2009 4:53 am | |
| العرب وبلاد الشمال هل يتصور القارئ العربي ، ونحن في مطلع الألفية الثالثة ، أن أجداده عرفوا بلاد الشمال هذه قبل أكثر من ألف عام ، وتحديدا قبل أكثر من ألف و ثمانين ، وذلك بين عامي 921 و 924 م كيف حدث ذلك ؟ . منذ مطلع القرن الثالث الهجري 779م تقريبا ، كثرت لدي شعوب الدولة الإسلامية المترامية الأطراف الكتب الموضوعة في أدب المسالك والممالك ، أو ما يمكن تسميته بالمصطلح المعاصر أدب الرحلات ، وكتبوا العديد من الكتب التي تصف كافة الأقاليم ، خاصة تلك التي زارها الكُتاب شخصيا ، فجاءت كتبهم وصفا لما شاهدوه عيانا ، واصفين الأمكنة وشعوبها ، وعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم ، واشتهر منهم العديدين مثل الكندي واليعقوبي ، وقدامه بن جعفر ، وابن حوقل ، وأحمد بن فضلان ، وسوف نتوقف في هذه الدراسة عند الأخير ، لإنه هو الذي زار بلاد الشمال بين عامي 921 و 924 م ووصفها وصفا شيقا ودقيقا ، في كتابه المعروف باسم رسالة ابن فضلان في وصف رحلته المشهورة إلي بلاد الترك والخزر والصقالبة والروس واسكندنافيا في القرن العاشر الميلادي. لخليفة العباسي المقتدر بالله ورسوله أحمد بن فضلان تولي الخلافة العباسية عام 295 هـ 908 م الخليفة المقتدر بالله أبا الفضل جعفر بن الخليفة المعتضد ، وكان ترتيبه بين الخلفاء العباسين الخليفة الثامن عشر ، وتذكر مصادر التاريخ أنه كان في الثالثة عشرة من عمره عندما تقلد منصب الخليفة ، وكان كثير الإنفاق ، وكان في قصره أحد عشر ألف خادم خصي من الروم والسودان وكانت خزينة دولته عامرة بالجواهر النفيسة ، ولصغر سنه كانت أمور الدولة في يد أمه ونسائه وخدمه ، وكن يرتبن شؤون الدولة وهو متفرغ لملذاته وشهواته ،وقد شهد عهده العديد من الفتن الداخلية والخارجية ، ورغم ذلك كانت لخلافته من العز والرفاهية ومظاهرالسلطان ما أسهبت كتب التاريخ في وصفه ، وقد توفي الخليفة عام 320 هـ الموافق 927 م وهو مازال في الخامسة والعشرين من عمره ، في وقت كانت سمعة خلافته ودولته في الخارج جيدة وعظيمة مما جعل العديد من ملوك وأمراء الدول المجاورة ، يسعون لقائه ، وإقامة كافة أنواع الصلات معها ،وهذا ما حدا بالمستشرق ( ميشيل كريشتون ) ، أحد محققي ومترجمي بعض أجزاء رسالة ابن فضلان إلي اللغة الإنجليزية ، أن يقول في مقدمته للطبعة الإنجليزية ( .. كانت بغداد ، مدينة السلام في القرن العاشر ، أكثر مدن الكرة الأرضية حضارة ، وقد عاش بين جدرانها الدائرية الشهيرة أكثر من مليون مواطن .. كانت بغداد مركز التأثير التجاري والفكري ، في محيط عام من رغد العيش والأناقة والفخامة ، لقد كانت فيها حدائق معطرة وأشجار وارفة الظلال ، وثروة متراكمة تعود لامبراطورية شاسعة ، لقد كان عرب بغداد مسلمين ، وقفوا أنفسهم بشدة لهذا الدين ، ولكنهم كانوا منفتحين علي شعوب تختلف عنهم في المظهر والمسلك والعقيدة . وفي الواقع ، كان العرب في عالم ذك الزمان أقل الشعوب إقليمية ، وهذا ما جعلهم شهودا أفذاذا للثقافات الأجنبية ). انطلاقا من هذه الخلفية الاجتماعية والحضارية المتقدمة ، وكما ذكر أحمد بن فضلان في فاتحة كتابه المشهور ، فقد وصل إلي أمير المؤمنين الخليفة العباسي المقتدر بالله كتاب من .. المش بن يلطوار .. ملك الصقالبة يطلب منه أن يرسل إليه من يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام ، ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته ، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له ، فأجيب إلي ما سأل من ذلك . وبناء علي موافقة الخليفة المقتدر بالله علي مطالب ملك الصقالبة ، فقد تكون وفد رسمي للخليفة من [[سوسن الرسي مولي نذير الخرمي[[ ، وتكين التركي ، وبارس الصقلابي ، وأحمد بن فضلان ، وكانت مهمة الأخير ضمن الوفد المتوجه إلي ملك الصقالبة ، وكما وصفها هو بنفسه (.. فندبت أنا لقراءة الكتاب عليه ، وتسليم الهدايا ، والإشراف علي الفقهاء والمعلمين ..) ، وقد غادر الوفد بغداد في شهر صفر سنة 509 هـ حزيران 921 م متوجها إلي ملك الصقالبة ، أو البلغار كما كانوا يسمون ، نسبة إلي عاصمتهم بلغار علي نهر الفولجا ، حيث تقع الأراضي الروسية اليوم ، وقد استغرقت رحلته هذه ثلاث سنوات 921 ـ 924 م حيث زار الوفد بلاد العجم والترك ، والصقالبة ، والروس ، والاسكندنافيا ، والخرز ، وعندما عاد الوفد إلي بغداد ، قام بن فضلان بتسجيل وقائع رحلة السنوات الثلاثة في تقرير أو كتاب رسمي هو الذي عرف و اشتهر باسم رسالة ابن فضلان .
رحلة مخطوطة رسالة ابن فضلان عانت مخطوطة هذه الرسالة منذ أن دونها أحمد بن فضلان عام 924 م تقريبا ، أي قبل ألف وثمانين عاما ، من الترحال والنسخ والضياع والنقل والإضافة ما لا يقل غرابة عن وقائع الرحلة المدونة فيها ، التي عاشها أحمد بن فضلان شخصيا ، وحسب مقدمة ميتشل كريتون للطبعة الإنجليزية التي أعدها وترجمها ونشرها عام 1976 م عن مؤسسة بنتام بوك : إن أهم المصادر التي جمعت منها الفقرات والمقاطع التي كونت فيما بعد نص رسالة أحمد بن فضلان في ضوء فقدان النسخة العربية الأصلية الكاملة ، هي المصادر التالية .. 1 ـ الفقرات والمقاطع المطولة التي أوردها ياقوت الحموي في كتابه الشهير معجم البلدان وكان ينقل عن نسخة أصلية للرسالة لم تصل إلينا ، رغم أن ياقوت ألف كتابه بعد 300 عام . 2 ـ جزء آخر من المخطوطة اكتشف في روسيا عام 1817م ونشر باللغة الألمانية من قبل أكاديمية سانت بطرسبرج عام 1923م . 3 ـ اكتشف مخطوطان جديدان عام 1878م ، في مجموعة التحف الأثرية الخاصة بسفير بريطانيا السابق في القسطنطينية ، السير جون امرسون ، ولا يعرف أحد أين وكيف ومتي عثر عليهم أو إذا ما كان السفير اقتناها . 4 ـ عثر في عام 1937 م علي نص آخر للمخطوطة باللغة اللاتينية للعصور الوسطي في دير إكسيموس بشمال اليونان . هذا بالاضافة لمخطوط آخر وجد في الدنمارك ، وترجمات عديدة بالسويدية و الألمانية والفرنسية والروسية لمقاطع من المخطوط ، أو دراسات عن المخطوط وصاحبه . الجهد النرويجي في المسألة إن العدد الكبير والمختلف والمتناقض للأصول التي نقلت أجزاء عديدة من مخطوطة رسالة ابن فضلان من مصادر مختلفة بلغات عديدة جعلت ميتشل كريتون يقول: ( .. مهمة تحقيق الصيغ والتراجم الكثيرة آنفة الذكر ، التي يمتد تاريخها إلي أبعد من ألف سنة ، والتي ظهرت باللغات العربية واللاتينية والالمانية والفرنسية والدنماركية والسويدية والإنجليزية ، عمل بالغ الصعوبة ، ولا يحاول القيام بهذه المهمة ، إلا شخص علي جانب عظيم من المعرفة والطاقة ، وقد قام بها مثل هذا الشخص عام 1951 م وهو بيير فراوس الأستاذ المتقاعد الحائز علي لقب الشرف للأدب المقارن في جامعة أوسلو بالنرويج ، الذي قام بجمع كل المصادر المعروفة ، وبدأ مهمة الترجمة الضخمة ، التي استغرقت حتى مماته في عام 1957 م . وقد نشرت أجزاء من ترجمته في صحائف متحف أوسلو الوطني خلال عامي 1959 ـ 1960 م ) . النسخة العربية وفي نفس الفترة تقريبا ، كان هناك جهد مماثل في الجانب العربي لخدمة هذه المخطوطة ، قام به المرحوم الدكتور سامي الدهان ، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق ، وقد جمع بعض المخطوطات السالفة التي إطلع عليها ميتشل من النسخة العربية التي اكتشفت عام 1924 م في مشهد بإيران وكان أول من نشرها بالحروف العربية الباحث التركي زكي وليدي طونجان .
| |
|