الرباط (رويترز) - يعيد الكاتب المغربي مصطفى واعراب الى صدارة المشهد
الثقافي العربي والعالمي ما يعتبره أسطورة بطلها فتى مغربي تم أسره وبيعه
الى "نبيل" اسباني أرسله الى أمريكا فأصبح أول أجنبي يتصل بالسكان
الاصليين في جنوب غرب الولايات المتحدة في القرن السادس عشر ثم كانت
نهايته تراجيدية.ويقول واعراب ان الدرس المستفاد من سيرة المستكشف
المغربي استيبانكو الازموري أنه في حين كان الرجل الابيض "المسيحي المغرور
بتفوقه مشدودا الى غريزة القتل والابادة دون تمييز استطاع مستكشف عربي أن
يعبر الاف الاميال بين قبائل الهنود الحمر بلا زاد ولا سلاح. كان سلاحه
الوحيد هو الكلمة بالنطق والاشارة والعلاج بالايحاء فقط...قبل أن يتمكن من
لغاتهم" وان حوليات التاريخ الامريكي تسجل أنه أول من اتصل بحضارة الهنود
الحمر (قبائل زوني) وعبر الولايات التي تعرف اليوم باسم أريزونا وتكساس
ونيو مكسيكو.ويشدد على أن اعادة الاعتبار للازموري "هي حرب على
النسيان" داعيا الى تكريم هذا الرائد المغامر الذي نال في أمريكا شهرة لم
يسع وراءها ولكنه مازال في وطنه غريب الاسم.ويضيف في كتابه
(استيبانكو الازموري.. مغامر مغربي في أرض الهنود الحمر.. 1500- 1539) أن
الازموري "قد يصلح أن يكون اليوم مدخلا لتصحيح صورتنا لدى الاخر في الزمن
المتميز بالصراعات الدينية والعرقية."ويقع الكتاب في 151 صفحة
كبيرة القطع وأصدره (المركز العربي للادب الجغرافي-ارتياد الافاق) ومقره
أبوظبي ولندن خلال (ندوة الرحالة العرب والمسلمين.. اكتشاف الذات والاخر)
التي اختتمت الاسبوع الماضي في المكتبة الوطنية بالعاصمة المغربية الرباط.والندوة
التي تعقد سنويا في بلد عربي أو أجنبي ينظمها (المركز العربي للادب
الجغرافي) الذي يمنح سنويا جائزة ابن بطوطة بهدف تشجيع أعمال التحقيق
والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات في خمسة فروع هي (تحقيق الرحلات)
و(الرحلة المعاصرة) و(الرحلة الصحفية) و(اليوميات) و(الدراسات في أدب
الرحلة).ونال واعراب جائزة ابن بطوطة للادب الجغرافي لتحقيق
المخطوطات في دورتها الاخيرة (2007) عن هذا الكتاب وتسلم الجائزة في حفل
افتتاح الندوة التي شارك فيها أكثر من 50 باحثا.وجاء في حيثيات
لجنة التحكيم أن هذا الكتاب "يمزج ببراعة بين الوثيقة التاريخية والمخيلة
الادبية ويعيد بلغة شائقة تركيب سيرة هذا الشاب.. في أول محاولة عربية
لكتابة سيرته المجهولة."وتناول واعراب في الندوة بعض الافكار
والملاحظات حول كتابه قائلا ان الازموري تحول الى ارث مشترك يتجاوز
المحلية الى العالمية مشددا على "أننا (العرب) نتقاسم اليوم مسؤولية احياء
ذكراه" مع الامريكيين لاعادة تقديمه الى العالم العربي الذي ينتمي اليه ثم
الى العالم كأحد مشاهير الرحالة والمغامرين العرب.وأضاف أنه بعد
هذه القرون على مقتل الازموري نشهد من خلال هذا الكتاب على المستوى العربي
"بداية اهتمام خجول بسيرة حياته ومغامراته ... في مقابل الجهل العربي بهذه
الشخصية المثيرة هناك حضور لها واهتمام بها" على أكثر من مستوى في
الولايات المتحدة.ويبدأ واعراب السطور الاولى من كتابه بداية
روائية بعام 1539 حين لقي الازموري مصرعه على يد عشرات الهنود الحمر الذين
طاردوه الى أن اخترقت جسده النحيل نبالهم وفي لحظاته الاخيرة تراءت له
صورة البيوت في بلدته المغربية أزمور "وهي تتهادى في مشهد صامت على صفحة
نهر أم الربيع... بعد أن تمتم الشهادتين كي يموت كما ولد مسلما" وان ظل
اسمه الاصلي العربي مجهولا الى الان.ويسجل أن حوليات التاريخ
الامريكي والكتابات المواكبة لمرحلة "الفتوحات الاستعمارية الاوروبية
بالقارة الامريكية" تذكر فقط لقبه الاسباني "استيبانكو" ويعني استيبان
الصغير وأطلق عليه هذا الاسم بعد "اكراهه على التنصر" حيث أسره
البرتغاليون ضمن مغاربة اخرين حين احتلوا مدينة أزمور الواقعة على بعد نحو
80 كيلومترا جنوبي الدار البيضاء وباعه نخاسون برتغاليون كعبد الى أحد
"نبلاء" البلاط الاسباني فعمده باسم استيبانكو وأصبح عبده وخادمه الشخصي.ويضيف
أن "سيد" الازموري أخذه معه ضمن بعثة أوفدها الامبراطور شارل الخامس عام
1527 لاستكشاف أدغال شبه جزيرة فلوريدا وتعيين "المغامر الدموي" بانفيليو
دي ناربايز حاكما عليها ولكن البعثة تعرضت لسلسلة من الكوارث خلال عشر
سنوات (1526 -1536) ولم ينج من أصل 600 مشارك سوى أربعة أفراد كان
الازموري أحدهم وخلال عشر سنوات تالية كان الناجون الاربعة بلا سلاح ولا
طعام في مواجهة طبيعة متوحشة واستعبدهم الهنود الحمر لسنوات أكلوا خلالها
جيادهم وجيف رفاقهم الهالكين ثم لحم الكلاب نيئا وجذور نباتات برية
وأوراقها.ويصف واعراب تلك الرحلة بأنها "واحدة من أعظم الملاحم
الاستكشافية التي شهدتها حركة استكشاف القارة الامريكية" حيث تمثل صمود
ارادة الانسان أمام قسوة الطبيعة والبشر في رحلة تيه طويلة بلغت ألوف
الاميال من شرق الولايات المتحدة الى جنوبها الغربي سيرا على الاقدام.ويقول
ان ألبار نونويز الملقب برأس البقرة كان أحد الناجين الاربعة سجل جوانب من
وقائع تلك التجربة القاسية في تقرير رفعه الى ملك اسبانيا بعد عودته
اليها. وبعدها رضخ الازموري "وحده لارادة نائب الملك" الذي أوفده عام 1536
مع اثنين من الرهبان للبحث عن مملكة سيبولا أولى المدائن السبع لمملكة
الذهب مستغلا سمعته الحسنة بين الهنود الحمر.ويضيف أن الهنود الحمر
من قبائل زوني رفعوا الازموري "الى مرتبة الالهة.. أبناء الشمس" ولكنهم
قتلوه بعد أن رأوا فيه " ملاك القيامة المنذر بقرب الفناء القادم مع
الانسان الابيض" حيث كان البيض يبيدون السكان الاصليين أو يبقون عليهم مع
ممارسة عنصرية عرقية.ويقول واعراب ان الازموري حاضر اليوم في
التاريخ الامريكي الحديث كأحد الذين لهم فضل في استشكاف مناطق الجنوب
الغربي وانه خلال مراحل احتداد الوعي السياسي بين الزنوج في أمريكا كان
الازموري "أبا روحيا ملهما باعتبار أصوله الافريقية فأطلقوا لقبه المسيحي
استيبانكو على بعض أبنائهم" كما أطلق اسمه على بعض مرافق متفرقة في أمريكا.ويضيف
النحات الامريكي جون هاوسر أنجز للازموري منحوتة من البرونز ضمن مشروع
ترعاه بلدية ايل بولاية نيو مكسيكو يشمل اقامة نصب تذكارية لاثني عشر
مستكشفا لهم فضل في استكشاف الجنوب الغربي لامريكا.وفي الصفحة الاخيرة من كتاب واعراب صورة لمنحوتة برونزية لرأس الازموري معروضة بمتحف جريس في تكساس.ويقول
المؤلف ان الازموري يحضر أيضا بقوة في فولكلور الهنود الحمر حتى انه "أصبح
أسطورة تتقاسمها قبائل الهنود الحمر.. زوني وهوبي" وان رواية أسطورية عن
قتله على يد قبائل زوني تنفي الرواية التي نقلها الاسبان اذ تذهب رواية
الهنود الحمر الى انه حظى "بقداسة لدى قاتليه الذين كانوا يخشون أن يتركهم
فقطعوا رجليه.. ثم عبدوه مثل اله وعاش الازموري سنين طويلة الها أسطوريا
بلا رجلين. ظلوا يعبدونه الى أن مات من الشيخوخة" حسب رواية شفهية لهنود
زوني.ويقول واعراب ان بعض الكتاب الغربيين اعتبروا انجازاته "أهم من رحلات" المغربي ابن بطوطة والايطالي ماركو بولو.
منقوووووووووووووووووووول للامانة